قصص أمهات

٦ أمهات يتحدثن عن حياتهن مع أطفالهن من ذوي الاحتياجات الخاصة

٦ أمهات يتحدثن عن حياتهن مع أطفالهن من ذوي الاحتياجات الخاصة
النشر : مايو 24 , 2020
آخر تحديث : سبتمبر 18 , 2023
الدليل الشامل للأمهات في العالم العربي المزيد

منذ وقت طويل لم يكن هناك وعي كافٍ عن كيفية التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، ولا زالت المعاناة مستمرة للكثير من الأهالي لقلة تسليط الضوء على الصعوبات التي تواجههم في مختلف المجالات. لذلك، قامت مجموعة من الأمهات بمشاركتنا تجاربهن في كيفية التصدي ومواجهة التحديات مع أطفالهن من ذوي الاحتياجات الخاصة حتى يلهمن غيرهن من الأمهات والعائلات. من المؤكد أن كل رحلة تختلف عن الأخرى، ولكن الهدف واحد وهو تربية أطفال سعداء وناجحين معتمدين على أنفسهم.

Dua Hayek 2

دعاء حايك: "التحديات كثيرة، بدأت معنا من مرحلة التشخيص وعدم وجود جهات مختصة كافية له. فلم تكن رحلة تشخيص ابني "سيف" سهلة، بل كانت مدتها سنتين كاملتين قضيناهما بزيارات مستمرة للأطباء بمختلف تخصصاتهم؛ الأطفال، العيون، الأعصاب والدماغ، الأنف والأذن والحنجرة! وبعد أن تم تشخيص طفلي بالتوحد، واجهتنا تحديات أخرى والتي اعتبرها مهمة جداً، هي الدمج مع المجتمع والدمج في المدارس. أعتقد أن السبب وراء هذه المشكلة هو عدم نشر الوعي الكافي عن التوحد وطبيعته وطرق التعامل مع أطفال التوحد. فلا يوجد مكان أو مدرسة في الأردن يتوفر فيهم دمج حقيقي وفعال لأطفال التوحد. من هذا المنطلق، اضطررت إلى التخلي عن مساعدة الأطباء والمدارس، لأنني مؤمنة بقدرات طفلي، عملت معه جاهدةً في تطوير مهاراته في كل ما يحب. من الصحيح أنها رحلة متعبة وشاقة، إلا أن تجاوز التحديات والصعوبات يكمن في القبول والرضا. ليس لدينا حلول إلا أن نكون أقوى من كل شيء حولنا. وأنا من جهتي وعدت سيف أن أكون عينه ويده ولسانه الذي لم ينطق... سيحب العالم طفلي لأني أنا من سينشر الحب والمشاعر الإيجابية من حوله."


Tala Halaseh 2

تالا روحي هلسة: "كان التحدي الأكبر بالنسبة إلينا هو تقبل عائلاتنا لطبيعة ابننا. كان علينا أن نريهم كيفية التحدث والتصرف معه، وتوضيح جميع الجزئيات التي تتعلق بحالته مثل شرح مفهوم "الاضطرابات الحسية". وأن عليهم تقبل أن هذه الحالات هي تحدي طويل الأمد ولا يمكن علاجها بالأدوية."


Nancy Kawar

نانسي قعوار: " بدأت رحلتنا مع التحديات بعد أن تم تشخيص ابني "زيد" على عمر يناهز السنتين وتسعة أشهر. تلك الفترة تملؤها ذكريات صعبة وأخرى حلوة، صعبة لأن كان عليّ التعامل معه بحزم مثل أن أجبره على الجلوس في مقعده واتباع الأوامر، وأن أحثه على النطق وصوت بكائه الذي كان يملأ المنزل، وحلوة لأنه بعد تعب ودموع داما لمدة سنة كاملة، تمكن زيد من مناداتي وقول "مم". من بعدها بدأ زيد بالتحسن فأصبح يتقبل تعامل أشخاص آخرين معه غير أفراد العائلة. ولكن ما أن استمر في التطور إلا وكان ينتكس ويفشل في مرحلة من المراحل، كنت أشعر عندها بالإحباط لقناعتي بأن من وصل إلى هنا بإمكانه الوصول لمكان أكبر وأفضل. كان التحدي الأصعب عندما وصف الطبيب دواء لزيد يساعده على التطور وإنجاز المهام. للوهلة الأولى، رفضت أمر الدواء رفضاً تاماً ولكن بعد إصرار عائلتي في إقناعي بأنه قد يكون، بالفعل، أمر مفيد لزيد. وافقت... من الصحيح أنني كنت أتعذب من الداخل كلما رأيته جالس بهدوء غريب فاقداً للحيوية والنشاط. إلا أنه تعلم الكثير في تلك الفترة؛ تعلم القراءة والكتابة باللغتين العربية والإنجليزية وبعد ثلاث سنوات طوال، تخلصنا من الأدوية – الحمد لله. أما نظرة المجتمع فهي بحد ذاتها تحدي... اضطررت لأن تكون ردود فعلي حادة مع كل من حاول التدخل بحالة طفلي إما لمجرد التحدث عنها أو إعطاء النصائح. اقتصرت إجاباتي على "شكراً أعرف ذلك!" أو "نعم أكيد!" أو "لا شكراً". لم أكن لأسمح لأي شخص أن يتمادى بحدوده معنا. حتى أننا عانينا من طريقة تصرف المسؤولين عن نشاطات الأطفال، والتي لم تكن لطيفة، كنت أعرف من نظراتهم من أول خمس دقائق منذ بدئي بشرح حالة طفلي أنهم لن يتقبلوه ولن يتحملوا مسؤوليته! وبناء على ما مررنا به، شعرت أن أهم تحدي هو بناء ثقة ابني بنفسه لأنني مؤمنة بقدراته ونجاحاته. فلطالما قلت وما زلت أقول إنني أم مثلي مثل غيري ولكن لدي مسؤوليات تختلف قليلاً عنهم. زيد هو بطل هذه الرحلة، هو الذي يعيش جميع هذه الضغوطات ويتحملها، ويحاول بجهد تحدي مشكلته وتسجيل نجاحاته في مجتمع لا يعرف الرحمة. طريقنا ليست سهلة، كنت أُعرف بشخصيتي المرحة التي لا تكن وتحب العمل والخروج والتسلية. حتى أهلي لم يعتقدوا أنني سآخذ حالة ابني على محمل الجد! لا أعرف كيف تغيرت، أصبحت أماً وأصبحت الأخصائي الأول والأهم لزيد.. فأنا أرى أن الأم القوية هي من لا تستلم للصعوبات والمشاعر السلبية، هي التي تأخذ بزمام الأمور وتتحدى العالم وكل من حولها للوصول إلى أهدافها مع أطفالها... فكلما تغلبت على الصعاب كلما يعطيها ربنا قوة أكبر. والحمد لله أنني كنت موفقة بوجود نظام دعم لنا لا ينتهي؛ زوجي جوزيف "أبو زيد" مصدر الدعم الأساسي في حياتي، يمدني بالقوة ويدفعني دائماً إلى تحدي نفسي من أجل زيد، ومع حنان أبي وتعاطف أمي وتشجيع أختي وأخي لي وعمة زيد لينا وأعمامه تمكنت من تحدي العالم بزيد."


Luma Jamjum

لمى جمجوم بركات: " علمتني رحلتي مع ابني من ذوي الاحتياجات الخاصة أنه ليس هنالك خلطات سحرية! الصبر، الرضا والتقبل هم العلاج لي ولطفلي... رحلتي مع ابني وضعتني تحت العدسة المكبرة، التعرض لإطلاق الأحكام والاستغلال بسبب لجوئنا لتجارب عديدة للعلاج، لذلك كانت القوة خياري الوحيد حتى أكون المدافع الأول والأخير عن حقوق طفلي حتى يرتاح ويعيش في جو من الحب والاحترام. بالنسبة إليّ ومن تجربتي، مررت بأيام ملؤها الإحباط، وكأن الطريق مسدود، ولكن - سبحان الله – كانت تتيسر أمورنا وأبدأ اليوم التالي من جديد وبكل نشاط وكأن الإنسان يشعر أنه يريد تحدي كل الضغوطات فكلما كانت تزداد شدة كلما أردت العمل بجد أكبر. المحفز الرئيسي هو ابني وخاصة عندما أرى تقدمه وتطوره ولو بمقدار بسيط. ساعدنا الكثير من الناس والأخصائيين. كان من المهم أن أتقبل المدخلات بصدر رحب. فهذا ما تعلمته من ابني، التوكل على الله والعمل الجاد وتقبل الآخرين. كما أن تبادل الخبرات بين الأمهات كان ولا يزال مصدر دعم وإلهام لي ولم أعد أشعر أنني لوحدي في هذا العالم."


Sanaa Aqileh 1

سناء عقيلة: " بدأت أشعر أن ابني يعاني من مشكلة ما عندما بلغ سنة وشهرين من عمره. شاركت شكوكي ومخاوفي مع العائلة إلا أنهم لم يتفقوا معي عليها. ولكني اتبعت حدسي عندما أصبح عمره سنة وسبعة أشهر، عرضته على مركز لتقييم حالته. أسوأ أيام مررت بها هي الأيام التي كنت أنتظر بها نتائج الفحوصات...بكيت كثيراً. وبعد تشخيصه بدأت العمل معه لتدريبه وتعزيز مهاراته، نصحوني بأن أسجله في حضانة حتى يختلط مع الأطفال وأن أمنع عنه مشاهدة التلفاز. وبالفعل، سجلته في الحضانة وأخبرتهم عن أمر التلفاز. حتى تفاجأت في يوم حين أخبرتني إحدى المعلمات أنه وبمجرد إيصالي لابني إلى الحضانة يأخذونه ويضعونه أمام التلفاز لآخر ساعات الدوام! كانت صدمة، أحسست بالغش، أين الضمير في التعامل؟ للأسف لم أجده. ومن هنا بدأت رحلتنا الطويلة من ليالٍ ملؤها البكاء والجهاد حتى استطاع تناول الطعام لوحده، وجلسات نطق وتدريب مستمر حتى تمكن من مناداتي بماما. صحيح أننا اضطررنا لتأخيره سنة مدرسية وكانت التحديات كبيرة لكن الأهم أنني تقبلت حالة طفلي وهي طيف توحد وأنا مؤمنة بقدراته وسعيدة بإنجازاته، فهو الآن في المدرسة في الصف الثاني الابتدائي، يتابع العلاج في مركز لتحسين سلوكه ومهاراته. لا يزال يتعلم اللغة العربية ولكنه يفهم اللغة الإنجليزية أكثر. وسأقف بجانبه لأساعده طوال هذه الرحلة وما بعدها وكلي شوق لليوم الذي سيعيش به سعيداً ومعتمداً على نفسه."


أم لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة(لم نذكر الاسم بطلب من الأم): "واجهتنا الكثير من الصعوبات... لم أكن أعرف بوجودها أصلاً إلا أن واجهتها، مثل عندما يبدأ ابني بإصدار أصوات غريبة في مكان عام وتبدأ نظرات الناس في التحديق أو إطلاق الأحكام "لماذا تتجاهل هذه الأم بكاء ابنها؟ لماذا لا تعطيه الذي يريده؟" أو عندما يتقرب من ابني بعض الناس لملاعبته والحديث معه ثم يلاحظوا أنه لا يتكلم وينظرون إليّ نظرة "مسكينة هذه الأم من الواضح أن طفلها يعاني من خطب ما... ماذا نقول لها؟ هل نقول لها أن الأطفال بهذا العمر يتكلمون؟" بعد التفكير يكون سؤالهم "ابنك لسه ما بحكي؟". إجابتي في تلك اللحظة تعتمد على مزاجي "هل أريد أن أشرح لهم حالته أم لا؟" ليس لأن ردود أفعالهم لن تكون لطيفة، ولكن من كثرة هذه المواقف وحدوثها بشكل يومي، بات الأمر مزعجاً بالنسبة إليّ. بالإضافة إلى التحدي الأكبر وهو توفير العلاج المناسب له. فنحن نواجه صعوبة مع هذا المجتمع ونحن نحاول إيجاد البيئة والعلاج المناسبين لأطفالنا. فكلما واجهنا مثل هذه العواقب أشعر وكأنني على مفرق طرق، ما الذي عليّ فعله؟ أتخلى عن كل المساعدات وأكرّس وقتي وجهدي وطاقتي كلها لعلاجه لوحدي وألا اهتم بنفسي وزواجي؟ والذي لا يساعد أن معظم الذين أعرفهم يحثونني على ألا أهمل نفسي وشكلي وأن أبحث عن وظيفة. كيف؟ فأنا لا أنام بالليل من كثرة قلقي على مستقبل ابني.. فكيف لي أن استمر بمسار حياتي الذي أردت بشكل طبيعي! أجد نفسي دائماً أحوم في دوامة أفكاري، أرى أن التحدي الأصعب هو إيجاد التوازن والتوافق بين نفسي، ابني، عائلتي، زوجي، أحلامي، أطفالي الذين أخاف أن أنجبهم، دراسة ابني مادياّ ووظيفياّ... كل الأمور خارجة عن نطاقها الطبيعي ونحاول محاربة هذا الأمر بكل ما نملك." *تم نشر هذا المقال بالتعاون مع مجموعة مؤازرة أهالي الأطفال ذوي سمات طيف التوحد، التحديات الذهنية أو التعليمية.



اقرئي أيضاً:

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية