مذكرات

البيوت السعيدة والزواجات الناجحة

البيوت السعيدة والزواجات الناجحة
النشر : يونيو 11 , 2023
آخر تحديث : فبراير 07 , 2024
راميراميراميراميراميراميراميراميراميراميراميراميرامي المزيد

ما نشره شريف عمار في ذكرى زواجه عن البيوت السعيدة والزواجات الناجحة، يسلط الضوء على اسلوب حياة مهم بات يتلاشى بين الاجيال الجديدة.

كتب ببساطة في نهاية منشوره على الفيسبوك:

البيوت السعيدة لا يتسابق ساكنيها على لقب الأفضل، ولكن على من سيبذل جهداً أكبراً لجعل العلاقة أسعد وأنجح. البيوت السعيدة فيها القليل جدا من "أنا"، والكثير جدا من "معا".

أحببنا أن نشارك معكم ما تعلمناه من منشوره ولكننا أيضاً وجدنا أن قصة عمار وآمنة ملهمة، إليكم المنشور بتفاصيله كما كتب على صفحته على الفيسبوك 

معاً ...
في مارس ٢٠١٧، يصلني أخيرا إيميل من كلية الطب بجامعة أوتاجو النيوزيلندية لإبلاغي بنجاحي في الحصول على منحة الدكتوراة. استقبلت وزوجتي آمنة هذا الخبر بسعادة كبيرة، كنا نغالب دموعنا ونحن نقرأ جواب القبول. عشنا معاً واحدة من أجمل لحظات عمرنا، بعد فترة صعبة عشناها معاً بسبب غياب الأمان الوظيفي.
في ذلك الوقت كانت آمنة تدرس الدكتوراة في تونس. رغم إصراري أن تكمل رسالتها، أصرت آمنة أن نسافر معاً، وأن نبدأ هذه الرحلة الجديدة معاً.
سافرنا… وخلال ثلاثة أعوام حصلت على درجة دكتوراة بامتياز مع مرتبة الشرف، وجائزة أفضل طالب دكتوراة في الجامعة. أشياء لم تكن لتتحقق لولا وجود آمنة. كانت آمنة خير ونيس وصديق وجليس لي ولليلى، أبنتنا التي وُلدت بعد بضعة أشهر من وصولنا نيوزيلندا.
في هذه الفترة كنت أحاول قدر استطاعتي مشاركة آمنة مسؤوليات ليلى والبيت، خصوصا أنها كانت تعمل أيضا كباحثة بدوام جزئي. لكن ساعاتي الطويلة في الجامعة والدراسة والرحلات الميدانية، جعلت حِمل هذه المسؤوليات أكبر على آمنة، رغم كل محاولاتي.
بعد الدكتوراة، وُفِّقت في الحصول على عملٍ مناسبٍ لدراستي وتخصصي في احدى المؤسسات البحثية النيوزيلندية. وفي نفس التوقيت أعلنت إحدى الجامعات النيوزيلندية حاجتها لباحث بدوامٍ كاملٍ في مجال تخصص آمنة، مع قدرة الباحث على استخدام البيانات المجمعة لعمل الدكتوراة. مشهد لمعان عيني آمنة وهي تقرأ لي إعلان الوظيفة سيظل عالق في ذاكرتي لسنين طويلة.
كما فعلنا سابقا في رحلتي مع الدكتوراة، معاً حدَّثنا السيرة الذاتية والرسالة التعريفية، ومعاً عشنا أيامًا من القلق والترقب، ومعاً قفزنا فرحا حين وصلتها دعوة المقابلة الشخصية، ومعاً جهّزنا وتدربنا على أسئلة المقابلة، ومعاً بكينا فرحا وعشنا واحدة من أجمل لحظات عمرنا حين وصلها خبر نجاحها في المقابلة وحصولها على الوظيفة (دون كل هذه المشاعر التي عشتها هذا اليوم، كان شعوري بالفخر والزَهْو بآمنة لا يفوقه أحساس).
الآن ستتغير مسؤولياتنا وأدوارنا في ضوء هذه المستجدات.
الآن تذهب آمنة الى عملها في الصباح الباكر، لتستطيع الانتهاء من عملها باكرا، وإحضار ليلى من مدرستها، وتجهيز الغداء. وأصبحت أنا من يُوقظ ليلى، ويُحضر لها الفطور ويساعدها في تناوله، وارتداء ملابسها، وتمشيط شعرها، وتوصيلها للمدرسة. أنا أساعد ليلى في واجباتها المنزلية وتحصيلها الدراسي، وآمنة تساعدها في روتين نومها.
من يومين تلقيت عرض عمل بمنصب أعلى وراتب أكبر، لكني اعتذرت عنه بعد دراسته مع آمنة، لأن مواعيده لم تتناسب مع حياتنا، رغم محاولاتنا لتغيير الأدوار وتدوير المسؤوليات وأوقاتها.
لا أقوم بأي من هذه المسؤوليات لأنني ملزم بها، ولا يوجد دور تقوم به آمنة لأنه مفروض عليها، لكننا -معاً - نغير أدوارنا ونداور هذه المسؤليات بما يتناسب مع صالح علاقتنا وسعادة أسرتنا. واعتذاري عن عرض العمل ليس وفاءٌ لدينٍ، وسفر أمنة معي لم يكن رداً لجميل. فلا جميل أو دين بين محبين.
كل ما فعلناه ونفعله هو لرغبتنا أن نكون معاً، وأن نظل معاً، وأن ننجح معاً، وأن نكبر معاً، وأن يكبر أطفالنا ونحن معاً، وعلى كلمة "معا".
البيوت السعيدة لا يتسابق ساكنيها على لقب الأفضل، ولكن على من سيبذل جهداً أكبراً لجعل العلاقة أسعد وأنجح.
البيوت السعيدة فيها القليل جدا من "أنا"، والكثير جدا من "معا".
معاً.. أحتفل وآمنة اليوم بالذكرى السادسة لزواجنا.
 

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية