قصص أمهات
ما هي غايتنا في الحياة ولماذا نفعل ما نفعله
عندما كنا صغاراً، كان الكبار يسألوننا هذا السؤال دائماً: “ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟”. كانت الإجابة للبعض منا بسيطة جداً. لقد كبرنا ونحن ندرك بوضوح ما هي غايتنا وما هي وجهتنا - سأصبح فناناً أو موسيقياً أو طبيباً أو مهندساً. ولكن بالنسبة للبقية منا، فإن الإجابة لم تكن بهذه السهولة، وكانت تخلق بعض الارتباك بخصوص إحساسنا بأنفسنا وبغايتنا، وخصوصاً في أواخر سنين المراهقة وأوائل سن العشرين، وهو وقت يتوقع منا اختيار مسار أكاديمي ومهني لحياتنا. ولكن السؤال هو: هل هناك حقاً طريق واحد لكل واحد منا؟
في فلسفة اليوغا، تدعى غايتنا في الحياة (دارما). كل روح تنزل في جسد لها غاية، وهذه الغاية تصبح (دارما) مميزة وخاصة بالفرد.
“إن اكتشاف الـ(دارما) الخاصة بنا هو أهم خطوة نخطوها في حياتنا. لأن الـ(دارما) غير المكتشفة، هي حياة لا تخدم غاية الروح. وعندما نعيش مثل هذه الحياة، وحتى لو عملنا بجد، فستكون حياة لا يملؤها الرضا، مثل أن تتسلق سلم النجاح إلى نهايته، فقط لتكتشف أنه لا يرتكز على الحائط الصحيح.” (Aadil Palkhivala)
إن أول شيء يجب أن ننتبه له هو أن غايتنا أو الـ(دارما) الخاصة بنا لا تعني فقط ما نقوم به كمهنة. إنها تنطبق على كل الأفعال التي نقوم بها كبشر على هذه الأرض. والأمر الثاني هو أنه ليس بالضرورة أن يكون لنا غاية واحدة فقط. يروي Palkhivala أن كل مرحلة من حياتنا لها دارما خاصة بها. مثلاً: إن غاية الطفل الرضيع هي أن يكبر، وغاية المراهق أن يدرس ويتعلم، وغاية الكبير هي القيام بالرحلة وتحقيق ما هو مقدر له. كما قد يكون للإنسان الواحد عدة غايات في الوقت الواحد مثل: أن يكون والداً، وموسيقياً ومهندساً في نفس الوقت.
هذه الحياة، وحتى لو عملنا بجد، فستكون حياة لا يملؤها الرضا، مثل أن تتسلق سلم النجاح إلى نهايته، فقط لتكتشف أنه لا يرتكز على الحائط الصحيح
أما بالنسبة لي أنا شخصياً، فقد وجدت هذا الأمر مطمئناً، لأنني عشت صراعاً داخلياً في السنوات القليلة الماضية مع مفهوم الغاية أو الدارما. كان التحدي بالنسبة لي هو أنه لم يكن لدي أمر واحد محدد كنت أشعر تجاهه بالشغف لدرجة أن أشعر بأنه هو ما أريد أن أقوم به إلى آخر حياتي. وبعكس أصدقائي من الفنانين والأطباء، قمت باختبار الكثير من الأشياء على مدى السنين الماضية، جربت الرقص، وجربت أن أكون ناشطة، وأن أكون باحثة، وكاتبة ومدربة.. هذه كلها أمور أحببتها، وكل مرحلة كانت لها نكهتها الخاصة وقدمت لي خبرات مختلفة.
ما زلت الآن أؤدي العديد من الأدوار في حياتي. أنا أمارس اليوغا وأعلّمها، وأنا باحثة، وكاتبة في بعض الأحيان، وصديقة، وابنة وأخت، وسأصبح قريباً زوجة. لم أعد أرهق تفكيري من أجل البحث عن غاية واحدة، بل أتقبل كل هذه الخبرات المختلفة والتي تصنع الحاضر الذي أعيش فيه. وما ساعدني على الاحتفاظ بطريقة التفكير هذه هو أنني أعيد النظر في حياتي، وأفعالي، وأحلامي بشكل مستمر. أنا آخذ الوقت لكي أجلس مع نفسي وأستمع جيداً إلى أفكاري، وأراقب تطوري، وأقيّم وضعي الحالي، وأوثّق الأشياء التي أود تحقيقها في حياتي.
اسألي نفسك هذا السؤال: “إذا كان لدي كل الوقت والطاقة والنقود التي أريد، ماذا سأفعل بحياتي؟” ابدئي بالإجابة على هذا السؤال، واكتبي كل ما يخطر على بالك، واعقدي النية على اتخاذ الخطوات اللازمة.
إن بداية السنة وقت مناسب دائماً لإعادة التفكير والنظر في موقعنا في هذه الحياة. نحن نعرّف أنفسنا عادة من خلال ما يتوقعه المجتمع والآخرون من حولنا، لذا فإن أخذ الوقت للتفكير ورسم النوايا لسنة جديدة يساعد على التغلب على هذا الأمر.
اسألي نفسك هذا السؤال: “إذا كان لدي كل الوقت والطاقة والنقود التي أريد، ماذا سأفعل بحياتي؟” ابدئي بالإجابة على هذا السؤال، واكتبي كل ما يخطر على بالك، واعقدي النية على اتخاذ الخطوات اللازمة. و مع مرور الأشهر، أعيدي التفكير بما تفعلينه واسألي نفسك “هل هذا يضيف قيمة إلى حياتي وحياة من حولي؟” إن الإجابة على هذا السؤال سترشدك على امتداد الطريق.