قصص أمهات

نجحت في ترتيب حياتي بعد إنجاب خمسة أطفال بينهم توأم

نجحت في ترتيب حياتي بعد إنجاب خمسة أطفال بينهم توأم
النشر : أبريل 18 , 2021
آخر تحديث : سبتمبر 18 , 2023
أم لطفلين، هما الامتداد المُشرق بين قلبي والحياة.أبحثُ عن المعنى، عن القيمة في كل شيء. درستُ الصحافة بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الملك عبدالعزيز... المزيد

قصة نور- أم لخمسة أطفال من بينهم طفلين توأم. 


عندما كنتُ صغيرة حين كانوا يسألونني السؤال المعتاد: ماذا تريدين أن تصبحي عندما تكبرين؟ كنتُ أجيبهم على الفور: أريد أن أصبح أماً، وكان من حولي من الصغار تتنوع أمنياتهم وإجاباتهم بين أن يصبحوا أطباء أو مهندسين وما إلى ذلك.

وحين تزوجتُ، مرت ثلاثة أشهر دون أن يحصل حمل، شعرت بعدها بشيء من القلق:  لماذا لم أحمل؟ وأصررت على الكشف لتأتي النتائج مطمئنة وأن أمورنا على ما يرام. 

 

 

عندما أصبحت أماً

بقيت بعدها متشوقة أنتظر هذا الحدث الجميل في حياتي لمدة عامين حتى كتب الله ليَ الحمل بلا علاج أو فحوصاتٍ أخرى بحمد الله. كان حملي الأول سهلاً وخفيفاً، وكل صعوبته كانت تكمن في كوني لا زلت على مقاعد الدراسة في الجامعة، وبعد إنجابي لطفلتي الأولى (لجين) والتي اخترتُ أن أرضعها طبيعياً، فلم أستطع تناول مانع للحمل، ليحدث الحمل مجدداً!

 

فحملتُ بطفلي الثاني (ياسين) بعد أقل من عام من إنجابي لطفلتي، ليكون الفارق بينهما عام ونصف. كنتُ سعيدةً بهما ومستمتعة بطفولتهما، واكتشفت شغفي الكبير في أن أصنع لهما الأنشطة والألعاب التي تُلهيهما عن الألعاب الالكترونية وتُنمي مهاراتهما الذهنية والإبداعية وتُشغل وقتهما بما يفيد. 

 

بداية مشروعي الصغير

من هنا لمعت في ذهني فكرة أن أبدأ بمشروعٍ صغير أنتج فيه أنشطة للأطفال، وبدأت به بالفعل وأنجزت واستمتعت كثيراً فهذا ما أحب القيام به، ولمستُ أثره على أطفالي والأطفال الآخرين، بعد ذلك تعرضت والدتي لمرضٍ أنهكها وساءت حالتها الصحية فتوقفتُ عن مشروعي لفترة، وذهبت للعيش مع والدتي في منزلها لمعظم الأيام لأتمكن من رعايتها والبقاء بقُربها أساعدها وأؤنسها. 

 

وفي تلك الفترة حملت وأنجبتُ طفلتي الثالثة بعد 3 سنواتٍ من أخيها، وكان ذلك في بيت والدتي، وقد أعانني اللهُ كثيراً فكان حملها وولادتها ومهدها الأسهل من بين إخوتها.

 

منامٌ غريب !

حين أكملت ابنتي الثالثة (ديما) عامها الأول، وبعد أن انتقلت والدتي إلى رحمة الله، رأيتُ في منامي أن والدتي جالسة أمامي تسألني: هل تستطيعين أن تقفزي 5 قفزات؟ فأجبتها بأني قادرة على ذلك وقمتُ وقفزت خمس مرات!

تعجبتُ من هذا المنام وشعرتُ أن فيه إشارة إلى أمرٍ ما ولكني لم أفهمه حينها، وقد كنتُ أخطط لعدم الإنجاب في تلك الفترة واتخذتُ تدابير منع الحمل، حتى أتفرغ لرعاية صغاري الثلاث والاهتمام بنفسي وبوظيفتي، كما أنني عدتُ للتو إلى منزلي بعد وفاةِ والدتي -رحمها الله وأسكنها فسيح جناته- وأحتاج أن أستعيد توازني السابق.


ما لم أتوقعه يومًا:

كنتُ أستيقظُ كل صباح للذهاب إلى العمل وأنا أشعر بإنهاكٍ شديد، وكان كل يومٍ يشتد بي أكثر من اليوم الذي يسبقه، وكنتُ في حيرة من أمري ولا أدري ما الذي أصابني؟ حتى ظننتُ أنني مصابةً بمرضٍ ما، ولم يخطر ببالي أبداً أن تكون هذه أعراض حملٍ مفاجئ بلا تخطيط! 

إضافة إلى أنني مررتُ بتجربة الحمل سابقاً، ولم تكن لدي أعراض شديدة في الوحام فكان الأمر جديداً بالنسبة لي.

 

ذهبتُ إلى الطبيبة برفقة زوجي بعد أن نفذت قدرتي على الاحتمال لأطمئن وأعرف ما الذ يحدث لجسدي؟ وأخبرتها أنني أعاني من صداعٍ لا يُحتمل وغثيانٍ شديد ودوخة وآلام في البطن، فقالت ربما تكونين حاملاً! 

فأجبتها بأنه ليس كذلك فأنا أعرفُ الحمل جيدًا وهذا ليس حمل! فطلبت مني الصعود إلى سرير الفحص وما أن وضعت جهاز الفحص على بطني حتى ظلت تُقلبه طويلاً وعلى وجهها علامات الحيرة والتفكير دون أن تتحدث بشيء، مما زاد قلقي وشكوكي بأن أكون مصابة بمرض خطير! 

ثم قالت الطبيبة: لستُ متأكدة هل هو واحد أم اثنين؟ فسألتها بذهول: ما هو؟ فقالت مبروك هناك حمل ولكن ربما يكون توأم! ومن أجل أن تتأكد من الأمر أخذتني إلى زميلها الطبيب الآخر والذي قام بإعادة الفحص وأجاب بكل ثقة: نعم واضح جداً حمل بتوأم بمشيمة واحدة وكيسين مختلفين مبروك يا مدام!

 

فشعرت بصدمة وذهول، وزوجي غادر غرفة العيادة من الصدمة وظن أن الأمر مجرد مزحة! ثم عاد بعد دقائق ليسألني: ما الذي قالته الطبيبة! واعترتنا أنا وزوجي لحظات ضحك هستيري مع بكاء بالتناوب! كان شعوراً غريباً وعصيباً في الوقت ذاته، راودتنا مشاعر مختلطة. 

الجميل في الأمر أنني كنتُ حينها قد أنهيت الشهر الثالث دون أن أدري، أي أن الثلث الأول من الحمل كان قد مضى دون أن أدري به. 

 

ما قمت به لتقبل الوضع الجديد

 

بعد تقبلي للأمر الواقع، تبنيتُ الحكمة التي تقول: "إذا لم تكُن ما تريد، فأرِد ما يكون". وقررتُ أن أدعم نفسي لأتمكن من تجاوز هذه الفترة القادمة، فإنما الصبر بالتصبر والحلمُ بالتحلم، كنتُ أدركُ جيدًا أنها ستكون فترة صعبة خاصة وأن لدي طفلة أكملت عامها الأول للتو. 

 

حاولت تقليل التزاماتي وواجباتي، وأعدت ترتيب أولوياتي من جديد، كما خفضتُ من سقف توقعاتي ومعاييري في مختلف الأمور، فلا يجب أن يكون كل شأن من شؤون حياتي كاملاً ومثالياً! كل شيءٍ أريد تحقيقه سيتحقق بإذن الله يوماً ما في وقته المناسب، وليست هذه الفترة هي الوقت المناسب.

 

كنتُ أسكن في شقةٍ أكبر فقررت الانتقال إلى البناية التي يسكن فيها والدي وعماتي، فأصبحتُ في شقةٍ أصغر مساحة، ولكن كانت أولويتي أن أبقى قريبة منهم، فهم بحاجتي خاصة وأن والدي قد أصبح وحيداً بعد وفاة والدتي -رحمها الله-، كما أنني أنا بحاجة دعمهم أيضاً، فبدلاً من الاضطرار للخروج واستخدام المواصلات لنتمكن من مساعدة بعضنا، قررتُ أن أقرب المسافة بيننا لنتكافل ونتعاون بشكل أفضل.

 

كما أنني استغنيتُ عن كثير من أثاثي وأغراضي المنزلية في سبيل الانتقال للمنزل الأصغر، واستغنيتُ عن جزءٍ من خصوصيتي كذلك، في سبيل هذا القرب، لأتمكن وأفراد عائلتي من مساندة بعضنا.  

 

وبعد ذلك في الثلث الثاني كانت حالتي أفضل من سابقه، وكانت في نطاق احتمالي وقدرتي. ثم قمتُ باستقدام عاملة مربية لتكون يدي الثانية، وبفضل الله كان تدبيره لي أن أحظى بعاملة سبق لها أن أنجبت توأماً فكان لديها خلفية جيدة وخبرة في هذه التجربة.

 

حين وصلت إلى الثلث الثالث من الحمل بدأت تظهر بعض المتاعب، كان أحد الجنينين ضاغطاً على الآخر، وثقل الضغط على أحد مفصلي الورك والرجل لدي. كان المشي صعباً والتنفس أصعب وكل شيءٍ أجد فيه صعوبة بالغة والحمدلله.

 

أنجبتُ طفليّ (عمر، وأنس) بعملية قيصرية كانت هي الأولى بالنسبةِ لي وذلك حفاظًا على سلامة طفلي، وقد كانت ولاداتي طبيعية فيما سبق.

 

كانت الولادة في أول عام 2020، وبعد شهرٍ فقط من ولادتي كانت بداية جائحة كورونا، فحُجرنا في المنزل أنا وعائلتي. وكنتُ أحاول قدر استطاعتي أن أقوم بمهامي ومسؤولياتي بمساعدة عاملتي إلا أنني حين أشعر أن المهمة تفوق قدرتي لم أكن أتردد في طلب المساعدة ممن حولي، فأطلب منهم النجدة لأحصل على بعض الوقت لي! وألتقط فيه أنفاسي وأشحن نفسي من جديد لأواصل العطاء.

 

التحديات التي واجهتني

 

كنتُ أتمنى أن أتمكن من إرضاعهما طبيعياً كما فعلت مع إخوتهم، ولكني لم أتمكن من ذلك سوى لفترة 3 أشهر مع بعض الرضعات الصناعية، وبعد ذلك دخل شهر رمضان المبارك وازدادت المهمة صعوبة مع الصيام، فأصبحت أعتمد كثيراً على الرضاعة الصناعية، حتى اعتادوا عليها ورفضوا الرضاعة الطبيعية تماماً. 

لكني أعتبر هذه المدة التي قضيتها في إرضاعهم طبيعياً ليست قليلة بل هي إنجاز وأمرٌ ليس بالسهل أبداً وقد تمكنت منه بعون الله.

 

وفيما يتعلق بالنوم الذي كان التحدي الأكبر بالنسبة لي، أن أجعل لهم روتيناً ثابتاً للنوم، ينامون فيه لساعاتٍ طويلة في الليل، وذلك لأتمكن من الاستيقاظ صباحاً مع بقية أطفالي، فإذا لم ينم توأمي بشكلٍ جيد في الليل، وسهرتُ معهما فكيف لي أن أبقى مستيقظة في الصباح أيضًا! 

كافحتُ كثيرًا من أجل ضبط أوقات نوم عائلتي وإبقاء المنزل هادئاً في المساء دون صوتٍ أو إزعاج. وتحقق لي ما أردت بعد حوالي 6 أشهر من ولادتهما.

 

الدعم الذي حصلت عليه

أولاً إعانة الله وتدبيره لي في كل مراحلي، وقد كانت أكثر دعوة أسمعها من قبل الكثيرين هي: أعانك الله. وفعلاً قد أعانني كثيراً والحمد لله. كما أن دعوات والديّ ومحاولة كسبي رضاهما هي أكبر توفيق ودعم في حياتي.

 

وبالنسبة لزوجي ورفيق رحلتي فقد كان على عاتقه العمل من أجلنا ومن أجل توفير حياة هانئة لنا، بالإضافة إلى أنه كان يدرس، وفي أيام الحجر لم تكن لديه إجازات أو عمل عن بُعد كالكثير من الناس بل استمر في الذهاب إلى العمل، إلا أنه كان متفهماً جداً طيلة هذه الفترة، وداعماً لي، فكان يخفف عني مسؤوليات أطفالنا الكبار فينوّمهم ويقوم بإطعامهم.

 

ثم دعم أهلي الذي لم يتوقف يوماً، وأنا لا أستطيع أن أوفيهم حقهم من الشكر وكلمات الامتنان مهما حاولت.

 

كيف أُدير يومي

بالنسبة لوظيفتي فهي بدوام غير ثابت هناك أيام أداوم وأخرى لا، في أيام العمل كنتُ قبلها أقوم بتحضيراتٍ كثيرة لأطفالي الكبار، فأجهز لهم الأنشطة ليقضوا وقتهم بينها، وأجهز جميع احتياجاتهم في وقت مبكر. 

 

كما أنني حين أعود من عملي لا أنام فترة القيلولة بل أسترخي ثم أقوم لأكمل يومي حتى أتمكن من النوم ليلاً. وقد تمسكت بنوم الليل حتى في المناسبة الاجتماعية، إذ أستأذن للذهاب إلى النوم عندما تصير الساعة العاشرة مساءُ، وإذا كنتُ في نزهة عائلية أو في استراحة لا أتهاون في السهر بل أبقى منضبطة مع النوم الليلي لي ولأبنائي.

 

توأم أولاد

 

كنتُ أحاول قراءة سورة البقرة مرةً كل ثلاثة أيام، وكانت هي سرّ البركة في أيامي، وقد اتخذت من فكرة الثلاثة أيام أسلوباً جديداً، فمثلاً أقوم مع أطفالي كل 3 أيام بنشاط معين، وخلال 3 أيام أقوم بعمل وجبات للرضع، وخلال 3 أيام أقوم بعمل أقنعة للعناية بالشعر لي ولطفلتيّ (لجين) و(ديما)، وإذا أردت أن أمارس الرياضة يكون ذلك كل ثلاثة أيام. 

 

ساعدني كثيراً اعتماد الثلاثة أيام كوحدة زمنية للإنجازات بدلاً من اليوم الواحد الذي بالكاد يكفي لمسؤولياتي المتعددة، واعتمدتُ الحكمة: قليلٌ دائم خيرٌ من كثيرٍ منقطع. مما أشعرني بالقدرة على الإنجاز، ورفع من معنوياتي.

 

العودة لمشروعي الصغير

بعد أن انتهت فترة التقلبات في حياتي: مرض والدتي الحبيبة رحمها الله ووفاتها، وحملي وإنجابي للتوأم ومرور الستة أشهر الأولى، عُدتُ إلى ممارسة مشروعي الذي أحب في صنع أنشطة للأطفال، كنت أستمتع كثيراً وأنا أنتج ما يسلي الأطفال وينمي مهاراتهم، خاصة أطفالي الذين كانوا يفرحون بما أفعل دون أن يشعروا أن لديّ عمل يبعدني عنهم فهم جزءٌ منه، وهكذا مرّت الأيام حتى أتمّ طفلاي عامهم الأول والحمدلله.

حفلة ميلاد توأم

 

كما أن دافعي لهذا المشروع رغم التزاماتي العديدة هو أنني لا أحب أن أرى طفلاً يمضي يومه هكذا بدون هدف يطور من قدراته، فقط يتنقل من مكانٍ لمكان ويستمر في القفز واللعب بلا تطور حقيقي، أو يمضي ساعات طويلة على الشاشات، رغم أني لا أدعي المثالية بل أسمح لهم باستخدام الأجهزة الذكية لبعض الوقت لكن دون أن تكون هي محور اهتمام الطفل وأساس التسلية لديه، وبما أن هذا الزمن هو زمن التكنولوجيا فجميع الأمهات بحاجة لمثل هذه الأنشطة مع أبنائهم وأنا منهن، نجعل أطفالنا مستعدين للتعلم المدرسي ولنوسع من مداركهم وقدرتهم على الإنجاز والتطور. 

 

أما بالنسبة لهذه السنة التي مضت، سنة 2020، لقد كانت أصعب سنة مرّت عليّ طيلة حياتي، وبقدر صعوبتها والتحدّيات فيها والصبر، إلا أنها كانت سنة العطاء وتقدير النعم.

مواضيع قد تهمك

الأكثر شعبية